تعارضت اليوم الرغبات بيني وبين فراس، أنا أريد أن أشاهد المباراة وهو يريدني أن أذهب معه إلى مكان ما. فأردت أن نتعلم درساً في الإيثار. قلت له سأترك لك القرار وانتبه بشدة أنني أحبك. ولذلك أتعلم منك كيف تفكر وكيف تقرر، ولأنك ذكي فأنا أحب أن أقتدي بك. فكَّر فراس للحظة ثم قال بنظرة قاصرة تتناسب جدا مع عمره “سأختار ألا تشاهد المباراة وأن تذهب معي”. فقلت له سأذهب معك، ولأنني أحبك فقد أعجبني قرارك وتعلمت منك أنَّ كل إنسانٍ عليه أن يفكر في رغباته فقط وأن يتجاهل رغبات الأخرين. سأقضي الأعوام القادمة كلها بهذا المبدأ الجديد، سأهتم برغباتي فقط كما علمتني، فشكراً لك.
مرت خمس وأربعون دقيقة قسوت فيها على نفسي وفضلت فيها كل رغباتي البسيطة على رغباته. وفي كل مرة أفضل نفسي عليه، أشكره لأنه علمني هذا التصرف ولأنني إكتشفت أن هذا المبدأ الأناني أكثرَ راحةً لي. بعد خمس وأربعين دقيقة اقترح اقتراحاً أخر، قال “ما رأيك أن تشاهد المباراة ثم تنفذ لي طلبي” تجهالت الأمر وأكملت طريقتي الجديدة في تفضيل نفسي عليه. فكر قليلاً ثم أخرج أموالاً كان يدخرها في محفظته وقام بتوزيعها علينا بالتساوي بابتسامة غير متكلفة على الإطلاق وقال لي إشترِ بها ما تريد. هذه المرة قررت أن أتوقف عن التأديب فوراً منعاً للضرر والإرهاق النفسي، وقلت له: “لماذا وزعت عليَّ أموالك” قال بنظرة أكثر تطوراً من نظرته السابقة “لكي تقتدي بي وتتعلم مني وتصبح محترماً كما تعودت عليك” قلت وما هو الإحترام الذي تريدني أن أتعلمه، قال “أن يراعي كل منا رغبات الأخر كما يراعي رغبات نفسه” فقلت له لأنني أحبك سأتعلم منك الإحترام وسأقضي الأعوام القادمة أراعي رغباتك كما تراعي رغباتي، ولأنك ذكي، إنتهى الدرس في خمس وأربعين دقيقة فشكرا لك.