لو تخيلنا جدلاً أن كلية الأداب أصبحت الرغبة الأولى للمتفوقين في هذا العام. وحيث أن عدد كليات الأداب محدود وعدد المقبلين عليها أكثر من عدد المقاعد المتاحة فيها. ستكون أولوية الإلتحاق بها للطلاب الأعلى تقييماً. وربما يفقد الحاصل على تقدير ٩٧ بالمائة أو أقل فرصته في الإنضمام إليها. وسيكون مضطراً لقبول بديلاً لهذه الرغبة مثل كلية التجارة أو الفنون أو الطب مثلاً. وبالتالي ستصبح كلية الأداب هي كلية القمة في هذا العام.
فكليات القمة ليس تعريفاً ثابتاً لكليتي الطب والهندسة. ولكنه تعريف للكلية الأكثر تناسباً مع متطلبات المجتمع في كل عام، والكلية الأكثر تناسباً لا يمكن أن تكون ثابتة ولا يمكن أن تكون هي كلية الطب في كل مرة، وإنما من المفترض أن تتغير في كل عام حسب عوامل مهمة مختلفة مثل تغيرات المجتمع وسوق العمل وأفكار الشباب كما يمكن أيضا أن تتغير حسب عوامل أخرى ليست بنفس الأهمية مثل سوء نظافة المستشفيات وعدم وجود أجهزة تكييف في المستشفيات الحكومية، وفي المقابل وجود أجهزة تكييف في جميع البنوك مما يحرك الرغبات نحو كليات التجارة مثلاً بدلاً من الطب. وإن ثبات كليات القمة لأكثر من ستين عامٍ لا يعني أنها الأفضل ولكنه يعني ركوداً فكرياً وثقافياً واجتماعياً لابد من تحريكه.
سيتحرك المجتمع خطوة مهمة إلى الأمام في العام الذي يستطيع طالب حاصل على ٧٥ بالمائة أن يصبح طبيباً، لا لأنه الأعلى تقييماً ولكن لأن لديه القدرات المناسبة للطبيب ولديه القدرة على الصبر وتخفيف المعاناة وحفظ الأسرار. ولأن طالباً أخر حاصل على على ٩٩ بالمائة قد ترك له مكانه المستحق في كلية الطب عندما قرر أن يختار كلية الفنون.