قبل ستة أعوام تقريبا كنت جالسا في غرفتي الكئيبة في جامعة اللغات الأجنبية في بكين، في طرف الأرض البعيد عن كل من أعرفهم، وقد بدأت احتفالات العام الجديد عندنا قبل أن تبدأ عندهم. فكنت في ساعة غير الساعة التي يقضيها أهلي ويوم غير يومهم وشهر غير شهرهم بل وعام غير العام الذي يعيشون فيه.
جلست وقتها اتفاوض مع أحلامي الكبيرة التي لا تتناسب أبدا مع فوضوية غرفتي، ولا مع زجاجة الماء التي وضعت لها قانونا حتى لا تنفذ قبل أن أحصل على راتب الشهر الجديد. أردت أن أسيطر بعض الشيء على أحلامي اللامنطقية وأن أجعلها أكثر واقعية، فاتخذت قرارا أصعب من شكل غرفتي الرمادية التي كانت درجة الحرارة فيها عشرين تحت الصفر تقريبا ولم تكن الدفايات تعمل بها… تركت مجال دراستي التي أخذت من عمري خمس سنوات كاملة، وبدلت كامل خطتي. قبلت تحديا جديدا أكثر إثارة، ووضعت قائمتين للأحلام، أحلام ما قبل الثلاثين وأحلام ما بعد الثلاثين.
أما عن أحلام ما قبل الثلاثين، فتحققت كلها عامين قبل موعدها. وأما عن أحلام ما بعد الثلاثين، فاستعرت بعضها لأحققه في العامين القادمين. فالحمد لله رب العالمين، لو كانت الدفايات تعمل وقتها لما كنت أنا الذي هو أنا الآن.