رائعةٌ عليك ملابسُك الجديدة يافراس! هل أعجبتك؟ هل أسعدتك؟ سعيدٌ أنت أنك قد ارتديتها في محل الملابس بعد شرائها مباشرةً ولم تنتظر عيداً أو مناسبة أو حتى العودة إلى المنزل؟ هل تسمعني يا فراس؟
هل ترى يا أبي الأطفال الصينيين الثلاثة النائمين هناك على بطونهم يتسابقون زحفاً على الأرض؟ أريد أن أفعل مثلهم. — إنسَ ملابسك الجديدة يافراس، أسرع إليهم قبل أن ينتهوا من لعبتهم، شاركهم إن أردت وأرادوا، نَم على بطنِك وازحف إلى نهاية الخط، وسِّخ ملابسك الجديدة أو مزقها لا بأس في ذلك. ملابس الأطفال يا سارّة لا تساوي قيمتها التي ندفعها، نحن ندفع قيمة السعادة لا الملابس. الأطفال يفرحون جداً بزهاء ملابسهم الجديدة وهذه هي قيمتها. فإن كانوا سيفرحون بها أكثر وهي متسخة وممزقة فهذه هي قيمتها إذن، وإن كانو سيُحرمون بسببها من اللعب والطفولة، فقد أهدرنا قيمتها ووضعنا أموالاً في غير محلها، المبذرون فقط من يهدرون أموالهم بهذا الشكل. — قالت سارَّة “كالعادة قد تحايلت عليَّ في وصف المبذرين، وكالعادة أقنَعْتني” ?
ما هذا العصير الذي تشربه؟ عصير ليمون يا فيروز. أعطني مكعبات الثلج ألعب بها عندما تنتهي من الشرب. — يبدو يا أبي أنني قد أفسدت شعري ووجهي وملابسي ومكتبي ومكان اللعب وسجادة الاستقبال بالثلج المخلوط ببقايا الليمون، قدماي يلتصقان بالأرض عند المشي، سأحتاج تقريباً للإستحمام وستحتاجون تقريباً لتغيير غرفة الإستقبال إن لم تنظفها أمي سريعاً.
أريد أن أكسر هذه اللعبة وأعرف ما بداخلها! هاك أدوات الفك، قم بفكها أو تكسريها وافعل ما شئت. الألعاب كالملابس، لا تساوي قيمتها التي ندفعها أيضاً، نحن لا نشتريها لتُصدر أصواتاً مزعجة أو لنصرخ من شدة الألم عندما نمر عليها وهي مبعثرة على الأرض، نحن نشتريها لنُسعد أطفالنا، فإن كانوا سيفرحون بتكسيرها، فالتكسير هو استخدامها الأنسب.
سنذهب الليلة لحفل زفاف. فتلذهبوا معنا بملابس اللعب إن أردتم أو ملابس مناسبة لكن دون حرمانٍ من اللعب، لتلعبوا في الطريق ولتصلوا إلى قاعة الزفاف بملابسكم المبهدلة، أنتم لستم جزئاً من واجباتنا الإجتماعية ولا من أناقتنا ومظاهرنا ولا من توترنا بسبب إحرجانا من هيئتنا، أنتم فقط جزءٌ من طفولتكم واعتزازكم بأنفسكم وأعماركم.
يقول لي الناس أنني أعودهم على الاستهتار، لكنني أعلمهم كيف تَفسد الأشياء، أعلمهم ملمسها واستخداماتها، كيف تَنكسر ومتى تؤذينا وتؤذي الأخرين، كيف تُسعدنا لوقتٍ قصير ثم نندم أحياناً وكيف تُسعدنا لوقتٍ أطول، أريدهم أن يمارسوا الفوضى حتى يدركوها جيداً، وأن يُوسخوا ملابسهم وأنفسهم وأغراضهم حتى يكتفوا، وأن يُفسدوا أشيائهم في العمر الذي لا تزال فيه أشيائهم بسيطة وسهلة التعويض. حتى إذا بلغوا العمر الذي لهم فيه أشيائهم الغالية كزوجاتهم وأبنائهم وأعمالهم وإنجازاتهم وعلمهم، بلغوه وهم يدركون ما الذي يَحفظ الأشياء وما الذي يُفسدها، ما الذي يُؤذي وما الذي يُحبط وما الذي يلطِّف عليهم وعلى الأخرين. فنحن نعاني في حياتنا الآن من أشخاصٍ يفسدون الأشياء بسهولة، يفسدون العلاقات والصداقات والنفوس والإنجازات والمجهودات، لا نأتمنهم على أنفسنا ولا نأتمنهم على ممتلكاتنا رغم أنهم قد تعلموا في مدارس الأهل القديمة التي تأمر بالمحافظة وتعاقب على الإفساد. وأنا قد عاهدت نفسي وعاهدت الله أن أقدم لكم أبناءً قد تخلصوا من الفوضى والإفساد والإرهاق والمراهقة في طفولتهم، تأتمنوهم على ما شئتم وقتما شئتم.