في عشر سنواتٍ أو أكثر من العمل تحدثت فيهم مع رجالٍ صنعوا مليونهم بنفسهم وصنعت فيهم مليوني الشخصي أيضاً، رأيت أننا عند الحديث مع الرجل المليونير أو الحديث مع الرجل التقليدي الذي ينتظر راتبه عند نهاية الشهر. سنجد أن كلاهما يعلمان نفس الطريق ولديهما نفس الرؤية ويتشاركان نفس النصائح ويعرفان نفس المعلومات عن مقومات النجاح. لكن الفارق الذي جعل أحدهما مليونيراً يربح أثناء نومه ما يربحه الأخر أثناء ذروة عمله، هو تقبل أحدهم لفكرة الوصول للصفر وعدم تقبل الأخر لها.
فلو فكرتَ في أي طريقٍ من طرق المليون، ستجد حتى أسهل الطرق التي من المحتمل أن توصلك إلى المليون، بها أيضاً إحتمالاتٌ أكثرَ قرباً قد توصلك للصفر، لذلك لا علاقة للأمر بعلمٍ أو معرفةٍ أو مهارة، وإنما استعدادك للخطر وتقبلك لفكرة الوصول للصفر ورضاك به كقدرٍ محتمل سيجعلك مقبلاً على خوض هذا الطريق، وعدم تقبلك للوصول للصفر قد يجعلك عارفاً بالطريق لكنك غير قادرٍ على الخوض فيه.
وفي المقابل كل الوظائف التي تجعلك رجلاً كلاسيكياً عليه ديون وله إلتزامات ومتورط بجمعيات ويضيق صدره من يوم الثلاثاء ويرى أن شهر أغسطس لا ينتهي. هي وظائف بقدر ما قد تفسد حياتك وتهدر مهاراتك وتجعلك متكرراً، إلا أنها لا يوجد بها إحتمالٌ للصفر ولا يدفعك إلى إختيارها إلا هروبك منه. فتتحمل أعباء الوظيفة وتشكو أمام الناس متعابها رغم استمرارك بها، لأنها في المقابل تحميك من القلق وتبقيك مطمئناً أنك في نهاية كل شهر سيكون لديك رقمٌ أكبر من الصفر بقليل.
لذلك عندما يقول أحدهم عن صاحب المليون أنه أكثر ترفيهاً من الموظف التقليدي، أقول لهم أن الأول كان قاسياً يوماً على قلبه وعلى راحة باله بينما كان الأخر يدلل قلبه وراحة باله. لذلك، الموظف في نظري أكثر ترفيهاً من المليونير.