الذين يستهلكون أيامهم وأعمارهم تأمينا لمستقبلهم فقط لا يدركون أن كل مستقبل قادم له مستقبل يليه أكثر غموضا وأشد استغلالا واستهلاكا لأعمارهم.
فالذين يهملون اليوم ويعملون للغد فقط هم يخاطرون بالأيام، يبدلون يوما حاضرا واضحة تفاصيله عالية قيمته، بيوم سيأتي أكثر غموضا مجهولة قيمتة.
فإن المستقبل لا يؤمَّن كليا ولا يؤتَمن أبدا، هو غامض ومجهول حتى لأكثر أهل الأرض حرصا وذكاء واستقرارا وراحة بال. نحن فقط نؤمِّن أنفسنا ولحظاتنا الحاضرة ونهيء قلوبنا وعقولنا استعدادا لقدومه.
فليكن حرصكم على تأمين حاضركم أكثر من حرصكم على تأمين مستقلبكم، أسعدوا عقولكم وقلوبكم وأنفسكم وأعدوهم لاستقباله محملا بالقدَر كيفما سيكون. فالنفوس الكئيبة أكثر عرضة للإصابة بالبلاء، والنفوس السعيدة أكثر قدرة على تحمله.