قد سمعتكما تتفقان على مشاهدة فيلم عندما ننام أنا وفراس، ما هو هذا الفيلم، ولماذا لا تشاهدونه الآن! — إسم الفيلم (The Boy Who Harnessed the Wind) وسنشاهده عندما تنامين لأنك يا فيروز ستتركين ألعابك وتنتبهين أكثر للفيلم الذي نشاهده. وما الضرر في ذلك يا أبي! لماذا لا تحبوننا أن نشاهد أفلام الكبار. — تخيلي يا فيروز لو تركتُ أنا عملي وجلست لأشاهد أفلام الأطفال، كيف سيكون رد فعلك؟ هذا مضحكٌ جداً يا أبي ?? — هو مضحكٌ لأن هذه الأفلام لا تليق بعمري، ما يليق بي حقاً هو أن أعمل جيداً وأأسس المشاريع الجديدة وأعلِّمكم جيداً وأشتري لكم متطلباتكم. أي شيء دون ذلك يكن سخيفاً ومضحكاً، كذلك أنتي وفراس، ما يليق بكم الآن هو اللعب بألعابكم الخشبية وقطع الليجو وتكوين أشكال بالصلصال وممارسة الرياضة والخروج في الشمس والهواء ومشاهدة فيلم طفولي يناسب عمركم إن مللتم من ألعابكم الملموسة، أي شيء دون ذلك يكن سخيفاً ومضحكاً ولا يليق بعمركم.
أنا شديد الحب للأفلام، رغم ذلك فإن الأفلام في بيتنا لها تعاملها الخاص، إنتقاء الأفلام ليس بالأمر السهل ومشاهدة فيلم هو أمرٌ لا يحدث كل يوم ولا حتى كل أسبوع ولا كل شهر. مشاهدة الأفلام لها قوانينها ونظامها الذي يسري علينا وعلى أبنائنا. والقانون الأهم هو الالتزام بالعمر المحدد. لا يتعرض فراس أو فيروز لمحتوى أكبر من عمرهما، يسري هذا الأمر على الأفلام والكتب والألعاب. حتى ألعاب العقل التي يُفَضِّل الأهل أن يشتروها أكبر من أعمار أبنائهم ظناً منهم أنها تساعد في تطوير مهاراتهم أو ظناً منهم أن أبنائهم أذكياء بالقدر الكافي لاستخدام ألعاب أكبر من أعمارهم، نحن لا نشتريها أبداً. نحن نؤمن أن العمر المكتوب على صورة فيلم أو علبة لعبة هو العمر المثالي ولا نخاطر بهذا الأمر أبداً. ما هو أكبر من عمر الطفل حتى وإن كان يستطيع التعامل معه حالياً لكنه يسبب له إزعاجاً وإحباطاً وتأخراً، والإحباط أشد خطراً على الطفل من العقاب بالضرب أو الحبس، الإحباط يقتل الإبداع والتطور ويقتل الأطفال.
نحن لا نثق في الأفلام بمجرد إنتشارها وشهرتها وانبهار الناس بها، فقبل مشاهدة أي فيلم نقرأ أولاً صفحة دليل الأهل (Parents Guide) في موقع IMDB، الأفلام التي تحتوي على مشاهد محرجة أو غير ملائمة ممنوعة في المنزل لنا ولأطفالنا حتى وإن كانت بسيطة، الكلمات الغير مناسبة لا يتعرض لها أطفالنا ولا نتعرض لها نحن، مشاهد العنف والعنصرية ممنوعة للأطفال وأحياناً ما نسمح بها لأنفسناً إن كانت في قصة إيجابية ولأننا أكثر وعياً منهم في تقبل هذه المشاهد واستيعاب أبعادها.
الأفلام التي نستقر عليها نقرأ عنها في موقع Common Sense Media وهو يقوم بتقييم الفيلم من عدة جوانب مثل، الرسالة الإيجابية من الفيلم، دور البطل الإيجابي، مشاهد العنف، مشاهد غير أخلاقية، ألفاظ غير ملائمة ولغة ركيكة، إستغلال عقل المشاهد، والجوانب اللاأخلاقية مثل وجود التدخين والحديث عن المخدرات أو الخمور أو المقامرة. كل هذه الجوانب نقم بقراءتها ودراستها جيداً قبل أن نقرر ونسمح لأنفسنا ولأبنائنا بمشاهدة الفيلم. كما نقرأ جميع تقييمات الأهل وتقييمات الأطفال عن الأفلام وقدر الاستفادة منه والشعور الذي انتابهم بعد مشاهدته.
يستغرق هذا عدة أيام من البحث لمشاهدة فيلم. وينتهي بنا الأمر نشاهد فيلماً واحداً كل شهرين أو ثلاثة، وأحياناً يمر علينا عامٌ كامل بدون مشاهدة أفلام رغم حبنا لها، كما أنه يكلفنا الوقت والجهد والمال لتعويض أبنائنا عن مشاهدة الأفلام بتقديم وسائل ترفيهية أخرى مفيدة حتى لا نُشعرهم يوماً بالحرمان إذا تحدث معهم أصدقائهم عن الأفلام التي يشاهدونها والحرية غير المحكومة التي يتم تقديم المحتوى بها في أغلب البيوت. فبقدر ما نؤمن أن الأفلام وسيلة ترفيهية رائعة لنا ولأبنائنا ووسيلة مُلهمة أحياناً كثيرة وأن بعض الأفلام أكثر فائدة من مناهج التعليم وحملات التوعية. لكننا نؤمن بمسؤوليتنا الشديدة للحفاظ على نقاء قلوب أبنائنا وعقولهم وألسنتهم، نحن حريصون جداً ألا يتعرض أبنائنا لما يلوثهم فيُفسد عَمَلَنا، نحن حريصون جداً على أن يبقى أطفالنا أطفالاً، يلعبون ألعاب الأطفال، يستمعون لكلام الأطفال ويتكلمون كالأطفال، نحن حريصون جداً أن يكبر أبنائنا وقد مارسوا طفولتهم كمان يجب وألا يتجاوزوا طفولتهم بين مشاهد لا تناسبهم ولا تناسبنا وكلماتٍ لا تليق بأعمارهم ولا أحجامهم، نحن حريصون جداً عليهم ولا نخاطر بهم أبداً إن مللنا أو تعبنا من انتقاء المحتوى المناسب لهم. فنحن نحبهم ❤️